الحلــــــم نائب المشرف العام
عدد الرسائل : 251 تاريخ التسجيل : 19/05/2008
| موضوع: إضراب فرنسي شعاره: لننقذ التلفزيون الرسمي الإثنين يونيو 16, 2008 8:26 pm | |
| السلام عليكم و رحمة الله
ساركوزي يوجه اليه ضربة تلو أخرى والمستفيد تلفزيون الملياردير بويغ... إضراب فرنسي شعاره: لننقذ التلفزيون الرسمي أواسط هذا الأسبوع ثمة إضراب قد لا يكون الأول من نوعه في فرنسا، لكنه، من جراء غرابته والأسئلة التي يطرحها، جدير بالملاحظة. وأول نقطة متعلقة بهذا الإضراب تتعلق بشعاره الأساسي: «لننقذ تلفزيون القطاع العام».
وتلفزيون القطاع العام، في فرنسا، كما في أي مكان آخر في العالم، هو المحطات التلفزيونية الرسمية التي تمولها الدولة، منذ تأسيس التلفزيون.
وهي محطات عدة وان كان يمكن دائماً التوقف عند ثلاث منها: القناة الثانية، القناة الثالثة، ثم «قناة آرتي» وهي محطة ثقافية مشتركة بين ألمانيا وفرنسا، وتعتبر واحدة من أكثر المحطات التلفزيونية احتراماً في العالم وإن كان لا يمكنها أن تفاخر بعدد متفرجيها، ففي فرنسا وأوروبا عموماً، في زمن التلفزة والثقافات الجماهيرية، يفضل الجمهور العريض دائماً كل ما هو أقل ارتباطاً بالجدية والثقافة. ومع هذا تموّل الحكومتان الألمانية والفرنسية «قناة آرتي» عن طيب خاطر.
ومن هنا تبقى هذه القناة في منأى من المشكلات المستعصية التي تعيشها قنوات القطاع العام. هذا من دون أن نذكر مؤسسات تلفزيونية أخرى، لها طابع ديبلوماسي وترتبط، في شكل أو آخر، بالسياسات الخارجية للبلد. المعضلة الأساس هي، إذاً، معضلة القناتين الثانية والثالثة، اللتين تبدوان مهددتين بالزوال، حتى، على ضوء رغبة الرئيس الفرنسي ساركوزي بأن تبث كل منهما برامجها من دون دعايات.
ومن المعروف عادة أن الدعاية هي الممول الأساس للنشاط التلفزيوني في فرنسا، كما في غيرها، مع ان المحطات الرسمية تستفيد من ضريبة سنوية تفرض على كل جهاز تلفزيون أو فيديو أو غيره في كل بيت. ما يبدو واضحاً في فرنسا، هو أن هذه الضريبة، لا تكفي لجعل الإعلام الرسمي يعيش حياته وينتج برامجه ويبثها، ما يعني أن الدعايات تظل ضرورية.
لكن سوق الدعايات هذه باتت في حد ذاتها ضيقة الى حد ما، مع ازدياد الوسائل الإعلامية وتنوعها، من الانترنت وغيره.
ومن هنا ثمة نظرة في فرنسا الآن تقول إن الرئيس ساركوزي، ما رغب في حرمان المحطات الرسمية من الدعاية، إلا كي تستفيد من هذا المحطات الخاصة ولا سيما محطة «تي إف واحد»، المملوكة للرأسمالي الكبير بويغ، المعتبر في الوقت نفسه واحداً من أكبر أصدقاء الرئيس الفرنسي الشاب (وقد يقول خصوم ساركوزي أنه أيضاً واحد من أكبر ممولي حملته الانتخابية، لكن هذه حكاية أخرى).
المهم هنا في الأمر ان فرنسا في مجال حال الإعلام التلفزيوني، تبدو سائرة على خطى إيطاليا برلسكوني، إذ أن رئيس الحكومة اليميني العائد الى الحكم في إيطاليا، على رغم كل شيء، عرف منذ دخل سوق الإعلام قبل نحو ربع قرن، كيف ينسف المشروع التلفزيوني الرسمي برمته، لمصلحة مشاريعه الإعلامية الخاصة...
هنا، بعيداً من تعقدات الأوضاع السياسية الداخلية في إيطاليا، ثم خصوصاً في فرنسا، على ضوء الإضراب المقبل، بعد يومين، وبعيداً من «التهم» الموجهة الى الرئيس ساركوزي بالرغبة في ضرب القطاع العام، تبقى المسألة اللافتة للنظر، ما يحدث من دفاع الإعلام الفرنسي، مرئياً أو مكتوباً أو مسموعاً، عن تلفزيون القطاع العام، وتحديداً باعتباره ضامناً، في هذا البلد لحرية الإعلام... كما باعتباره لا يزال حتى اليوم المنتج الأول والأفضل لأجمل ما يحقق من أعمال تلفزيونية إبداعية وغير إبداعية في اللغة الفرنسية. وهو أمر من المؤكد أن إدراكه، من قارئنا العربي، سيوقع هذا الأخير في حيرة ما بعدها من حيرة: إذ في عالمنا العربي الشاسع الأطراف، يكاد الإعلام الرسمي، ومهما كانت نوعية الحكم في البلد المعني، يكاد يكون لا شيء إذ أن أحداً لا يشاهده ولا يحس به، فإذا اختفى لن يأبه لذلك.
وهذه السمعة التي لإعلامنا العربي الرسمي، وفقره المطلق بالمقارنة بالإعلام الفضائي والخاص، هما بالتأكيد ما سيجعل القارئ العربي يدهش ويفتح عينيه على اتساعهما بعد يومين حين تطالعه الأنباء بخبر ذلك الإضراب الذي يريد «ان ينقذ التلفزة الرسمية»... هذه التلفزة نفسها التي لا شك في أن ثمة كثراً في بلادنا مستعدين كي يتصدوا لمن يحاول إنقاذها... إن حاول أحد ذلك . | |
|