نور الصباح المشرف العام
عدد الرسائل : 896 تاريخ التسجيل : 17/05/2008
| موضوع: أَبو تَمّام " مداحة نواحة" السبت مايو 24, 2008 3:16 pm | |
| أَبو تَمّام " مداحة نواحة" حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، كنيته أبو تمام، أحد الشعراء المتميزين في العصر العباسي، تميز في فنون الشعر المختلفة من مدح وهجاء ووصف وغزل وغيرها، وإن كثر المدح والرثاء في شعره فقيل عنه "أبو تمام مداحة نواحة"، قال عنه ابن خلكان " أخذ في تحصيل الشعر فحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة غير القصائد"، كما يقول عنه الباحثون في فنه: إن ديوانه ينبئ بإطلاعه العميق على القرآن الكريم وكتب التاريخ والفقه والنحو.
نشأته وحياته
ولد في "جاسم" وهي إحدى القرى بسوريا بالقرب من دمشق عام 188هـ - 803م ، ويمتد نسبه إلى قبيلة طئ، كان والده خماراً فيها، ويقال أن والده كان نصرانياً يسمى ثادوس أو ثيودوس وان الابن قد أستبدل هذا الاسم بعد اعتناقه الإسلام إلى أوساً، ألتحق أبو تمام بأحد الكتاتيب بقريته لتلقي العلم إلا أن والده ما لبث أن أخرجه منه وذلك لتعلم مهنة الحياكة، ظهرت موهبته الشعرية مبكراً وقد بدأ حياته كشاعر من حمص. انتقل أبو تمام من دمشق إلى مصر، وبالقاهرة عمل على الدراسة والجلوس إلى مجالس العلماء والشعراء، فتردد على جامع عمرو بن العاص يستمع للأساتذة ويتلقى منهم العلم، واطلع على العلوم المختلفة سواء دينية أو لغوية وأدبية وغيرها من علوم الفلسفة والمنطق، مما أثرى ثقافته وانعكس على شعره.
ثم قام أبو تمام بالتنقل بين المدن المصرية ثم ذهب إلى الإسكندرية فمكث بها خمس سنوات قبل أن يغادرها. كان أول من مدحه في مصر عياش بن لهيعة، والذي وهبه منحة قيمة ثم ما لبث أن دب خلاف بينهما فقام بهجائه.
عاد أبو تمام مرة أخرى إلى الشام فقام بمدح أبا المغيث، ثم انتقل إلى العراق هذه الفترة التي تعد من أكثر فترات حياته تألقاً ففيها نظم أفضل أشعاره والتي تنوعت بين الرثاء والمدح والوصف ووصف المعارك والطبيعة وغيرها من القصائد.
مما قاله واصفاً الربيع
رَقَّت حَواشي الدَهرُ فَهيَ تَمَرمَرُ وَغَدا الثَرى في حَليِهِ iiيَتَكَسَّرُ نَزَلَت مُقَدِّمَةُ المَصيفِ iiحَميدَةً وَيَدُ الشِتاءِ جَديدَةٌ لا iiتُكفَرُ لَولا الَّذي غَرَسَ الشِتاءُ iiبِكَفِّهِ لاقى المَصيفُ هَشائِماً لا iiتُثمِرُ كَم لَيلَةٍ آسى البِلادَ iiبِنَفسِهِ فيها وَيَومٍ وَبلُهُ iiمُثعَنجِرُ مَطَرٌ يَذوبُ الصَحوُ مِنهُ iiوَبَعدَهُ صَحوٌ يَكادُ مِنَ الغَضارَةِ iiيُمطِرُ غَيثانِ فَالأَنواءُ غَيثٌ iiظاهِرٌ لَكَ وَجهُهُ وَالصَحوُ غَيثٌ iiمُضمَرُ وَنَدىً إِذا اِدَّهَنَت بِهِ لِمَمُ iiالثَرى خِلتَ السِحابَ أَتاهُ وَهُوَ iiمُعَذِّرُ أَرَبَيعَنا في تِسعَ عَشرَةَ iiحِجَّةً حَقّاً لَهِنَّكَ لَلرَبيعُ iiالأَزهَرُ ما كانَتِ الأَيّامُ تُسلَب iiبَهجَةً لَو أَنَّ حُسنَ الرَوضِ كانَ يُعَمَّرُ
كان الخليفة المأمون هو أول من مدحه أبو تمام من الخلفاء ولكنه لم تتوطد صلته مع المأمون مثلما حدث مع المعتصم، وبعد وفاة المأمون انتقل أبو تمام إلى خراسان ومنها إلى أذربيجان ثم عاد مرة أخرى إلى خراسان وخلال تنقلاته هذه نظم العديد من الأشعار.
أبو تمام والمعتصم
عاد بعد ذلك أبو تمام إلى بغداد حينما كان المعتصم خليفة فأجازه المعتصم وقدمه على شعراء عصره، وأثناء غزو الروم لبلاد المسلمين خرج أبو تمام مع جيش المعتصم ونظم الأشعار التي توصف المعركة والانتصارات التي حققها، مستخدماً العديد من الألفاظ والمعاني القوية مما قاله:
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ iiالكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ iiوَاللَعِبِ بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ iiوَالرِيَبِ وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ iiوَما صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ تَخَرُّصاً وَأَحاديثاً مُلَفَّقَةً لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا iiغَرَبِ عَجائِباً زَعَموا الأَيّامَ iiمُجفِلَةً عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ وَخَوَّفوا الناسَ مِن دَهياءَ iiمُظلِمَةٍ إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو iiالذَنَبِ وَصَيَّروا الأَبرُجَ العُليا iiمُرَتَّبَةً ما كانَ مُنقَلِباً أَو غَيرَ مُنقَلِبِ يَقضونَ بِالأَمرِ عَنها وَهيَ iiغافِلَةٌ ما دارَ في فُلُكٍ مِنها وَفي iiقُطُبِ
ومما قاله بعد فتح "عمورية"
فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ iiبِهِ نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ iiالخُطَبِ فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ iiلَهُ وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها iiالقُشُبِ يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ iiاِنصَرَفَت مِنكَ المُنى حُفَّلاً مَعسولَةَ iiالحَلَبِ أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ
عاد أبو تمام بعد ذلك إلى سامرا، واتصل بابن أبي داؤد وابن الزيات وقام بوصف ثورة العباس بن المأمون، ثم ظهر في الشام، واستقر مرة أخرى في العراق، تولى بريد الموصل وسكن هو وأهله بها حتى توفى عام 231هـ - 845م .
شعره ومؤلفاته
عمل أبو تمام على غزو جميع فنون الشعر فقال في المدح والهجاء والرثاء والغزل والوصف فانطلق واصفاً كل شيء الطبيعة والمعارك والشخصيات، ويتميز شعره بالقوة والجزالة، ويعد أبو تمام واحداً من الشعراء الذين عملوا على توثيق التاريخ من خلال شعرهم فلم يغفل أي حدث من الأحداث الهامة التي جرت في عصره إلا ونظم فيها الشعر، كما عرف أبو تمام بجودة شعره ودقة معانيه واختياره للألفاظ المعبرة، قام البعض بوضعه في مكانة كبير الشعراء.
عرف أبو تمام بشغفه الشديد بالشعر فكان يتخيره ويدرسه، له تصانيف منها فحول الشعراء، وديوان الحماسة ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل نسب إليه ولعله للأصمعي كما يرى الميمني.
من شعره
أَلِلعُمرِ في الدُنيا تُجِدُّ iiوَتَعمُرُ وَأَنتَ غَداً فيها تَموتُ وَتُقبَرُ تُلَقِّحُ آمالاً وَتَرجو iiنَتاجَها وَعُمرُكَ مِمّا قَد تُرَجّيهِ iiأَقصَرُ وَهَذا صَباحُ اليَومِ يَنعاكَ iiضَوؤُهُ وَلَيلَتُهُ تَنعاكَ إِن كُنتَ iiتَشعُرُ تَحومُ عَلى إِدراكِ ما قَد iiكُفيتَهُ وَتُقبِلُ بِالآمالِ فيهِ iiوَتُدبِرُ وَرِزقُكَ لا يَعدوكَ إِمّا iiمُعَجَّلٌ عَلى حالَةٍ يَوماً وَإِمّا مُؤَخَّرُ وَلا حَولُ مَحتالٍ وَلا وَجهُ مَذهَبٍ وَلا قَدَرٌ يُزجيهِ إِلّا المُقَدِّرُ | |
|