نور الصباح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نور الصباح

شعاع من الامل وبصيص نور نحو المستقبل فكن دوما معنا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المصالحة بين الإسلام والمسيحية .. كي نكون واقعيين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نور الصباح
المشرف العام
المشرف العام
نور الصباح


عدد الرسائل : 896
تاريخ التسجيل : 17/05/2008

المصالحة بين الإسلام والمسيحية .. كي نكون واقعيين Empty
مُساهمةموضوع: المصالحة بين الإسلام والمسيحية .. كي نكون واقعيين   المصالحة بين الإسلام والمسيحية .. كي نكون واقعيين Icon_minitimeالجمعة مايو 23, 2008 3:01 pm

المصالحة بين الإسلام والمسيحية .. كي نكون واقعيين

د. محمد الدعمي

تنطوي الدعوة إلى ما يسمى مصالحة بين المسيحية والإسلام على عدد من الإختلالات المنهجية في التفكير ، ناهيك عن إنطوائها على خزين كبير من الضغائن والتحاملات والأحقاد التي قد تكون بلا مبرر في هذا العصر الذي تصعد به قيم العولمة بديلاً عن قيم الولاءات المحدودة.

لذا تكون هذه الدعوة مثاراً للشكوك والإستفهام بقدر تعلق الأمر بدوافعها وبدلالاتها النهائية، الأمر الذي يوجب علينا التفكير أكثر من مرة قبل إطلاقها. لم نسمع عن زعيم ديني أو زعيم منظمة دينية أوروبية مسيحية وقد دعا إلى "مصالحة" بين المسيحية والإسلام.

هم يتحدثون عن حوارات أو تفاهمات وتنسيق، ولكنهم لا يقعون في فخ الدعوة إلى مصالحة، لأن مثل هذه الدعوة تنطوي على وجود خصومة بين الإسلام والمسيحية.

وهنا نحن لا نتكلم عن فردين أو دولتين بينهما خصومة، لأننا نضغط دينين من أكبر أديان العالم وأوسعها انتشاراً في تحجيم مخل لا طائل منه.

الحوار أو التلاقح الثقافي والفقهي ، المقارنات والمقاربات والدعوة إلى الانسجام والتسامح هي قضايا ممكنة، ولكن من يدعو للمصالحة يسقط في سلة أو صنف الإسلاميين المتطرفين الذين يفترضون وجود خصومة دموية بين الإسلام والمسيحية، وهي خصومة لا يمكن أن تسوى إلاّ بنهاية افتراضية لأحد الدينين.

وبكلمات أخرى، علينا أن نقاتل المسيحيين بتعامي، حفاظاً على ديننا في أتون الصراع المميت من أجل البقاء! هل هذه هي تعاليم الإسلام أم المسيحية؟ وتأسيساً على هذا لا ينبغي لنا الحديث عن مصالحة بين الإسلام والمسيحية لأننا نضع أنفسنا في ذات الصنف مع المنظمات الإرهابية التي تنظر إلى أوروبا أو العالم الغربي، العلماني جوهرياً، كمركز تفريخ لحملات صليبية لا نهاية لها ليتحول عالمنا إلى عالم حروب وصدامات الآن وإلى الأبد.


في هذا السياق يكون من الممكن مراجعة ما شاب بعض أحاديث الأستاذ أكمل الدين إحسان أوغلي ، أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي (على جلال قدره) في سياق مناقشة دعوته أوروبا لإعادة "تعريف" نفسها كي تقبل الإسلام كمكون أساسي في بنيتها، كما فعلت عندما أعادت تعريف نفسها بعد الحرب العالمية الثانية، قابلة اليهود كمكون أساسي لبيئتها وثقافتها، حسب ما ذهب إليه أوغلي.

وبغض النظر عن أعباء أو أثقال الدافعية القومية التركية الكامنة وراء أحاديث أوغلي (إذ أن دافعه الأساس هو إقناع أوروبا بقبول تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي)، فإن للمرء أن يلاحظ كيف يمكن لأوروبا العلمانية الحديثة أن تنظر إلى دعوة "لإعادة تعريف نفسها" من قبل رجل لا ينتمي إليها.

في هذا الموضوع شيء من الحساسية، لأن العقل الغربي، الأوروبي خاصة، لا ينظر إلينا كأنداد متساوين معه في المستوى الثقافي والحضاري، وهو أمر مثير للإهتمام ومدعاة للمزيد من المناقشة.


لقد أسس الأستاذ أوغلي تيقنه من "ندّية" الطرفين على أسس غير دقيقة. فأوروبا لا تمثل المسيحية، لأنها كانت قد طلّقت الكنيسة الكاثوليكية ثلاثاً منذ قرون مع تمرد القس الألماني العبقري مارتن لوثر ضد روما وإطلاق البروتستانتية التي اختزلت الديانة إلى مجرد آصرة بين الفرد والكتاب المقدس، فالدين لله فقط وليس للقساوسة والربان الذين كانوا يعتاشون على بيع صكوك الغفران عبر القرون الوسطى!

كما أن محاولة تصوير أوروبا وكأنها مخنوقة من قبل الشعوب الإسلامية باعتبار حدودها من الجهات الشرقية والجنوبية، وباعتبار أعداد المسلمين المتزايدة في بناها السكانية ينطوي على خلل آخر. فإن تكون حدود أوروبا ذات أغلبية من الشعوب الإسلامية فإن هذا لا يعني قط أن لهذه الشعوب تقديم النصح للعقل الأوروبي كي يعيد تعريف نفسه، قابلاً بـ"الأمر الواقع".


لاحظ كيف سينظر الأوروبيون، متدينون أو علمانيون، إلى وجود أقليات إسلامية بين ظهرانيهم: فما الذي جاء بهذه الأقليات واستزرعها في أوروبا؟ الإجابة ستكون واضحة المعالم، إذ كيف جاءت هذه العمالة إلى أوروبا لو لم تكن بدافع "الهروب" من جحيم بلدانهم الأصل: الاضطهاد، الجوع، الاستبداد، الاستغلال.

لقد ذهب أغلب المسلمين للعيش في أوروبا، وقبلوا بالإذابة في آنيتها الاجتماعية بحثاً عن الحرية وحقوق الإنسان أو عن رغيف الخبز أو هروباً من الخوف والاضطهاد. وبطبيعة الحال، لا نقصد هنا الإساءة إلى المجتمعات الإسلامية ، فهي الأخرى قد دخلت حقب تردي وتراجع أدت إلى ظهور هذه الشرور السياسية والاجتماعية، كما حدث (بالضبط) لأوروبا نفسها في حقب سابقة (لاحظ عصر محاكم التفتيش).


أما الحديث عن "أفضال" المسلمين على العلوم والثقافات الأوروبية، فهذا ما يعترف به الأوروبيون ويعلنونه قبل أن نسمع به نحن أنفسنا. لقد أعاد المسلمون التراث الكلاسيكي لأوروبا، بعد أن حفظوه في بغداد وسواها من الحواضر الإسلامية (خاصة الأندلسية) في عصورها الذهبية، ثم ما لبث المسلمون وأن دخلوا في حقب مطولة من الظلام والجهل، الاستغلال والقهر الداخلي والاستعمار الخارجي. بيد أن هذا لا يعني قط أن على أوروبا أن تضع رقبتها بين ايدينا كي نملي عليها كيف ينبغي أن تعرف نفسها وتشكل هويتها!

فإذا كان الأمر كذلك، لكان الأوروبيون قد طالبونا برد الجميل على مخترعاتهم ومكتشفاتهم وبحوثهم ومعاهدهم التي نتمتع بها كما يتمتعون هم بها اليوم. لماذا، إذاً، هذا النوع من التعصب والعصبية: فنحن لنا أفضال على أوروبا، وأوروبا لها أفضال علينا.

هذه هي سنة الأزل، إذ تتبادل الأمم الخبرات والمعارف والمنجزات العظيمة حسب دورات تاريخية متواصلة، صعوداً ونزولاً. وبعكسه، يتوجب علينا أن نعترف بجميل الحضارة الصينية التي هي الأخرى قدمت لنا الكثير. ويتوجب علينا الانحناء للهنود لأنهم علمونا الحساب والرياضيات، أما ديوننا التكنولوجية لليابان وألمانيا وبريطانيا فلا حصر لها!


إن الروح الشوفينية والعصبية الدينية تقودنا إلى التعالي وإلى النظر إلى الذات بمنظار مكبر لا يخدمنا قط. وعلى المرء أن يعرف نفسه، متجنباً إسداء النصح لحضارات هي التي قدمت لنا الطائرة والسيارة والكهرباء والمضادات الحيوية والحاسبات الإلكترونية، بينما لم نقدم لها شيئاً منذ أفول الحضارة العربية الإسلامية في العصر الوسيط، بإستثناء تغذية العصبية وإفتراض الخصومة في معركة قد نكون الخاسرين فيها.

عن صحيفة الوطن العمانية
8/5/2008
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dada.alafdal.net
 
المصالحة بين الإسلام والمسيحية .. كي نكون واقعيين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور الصباح :: اسلاميات :: نور الاسلام-
انتقل الى: